السكري والصحة النفسية

إذا كنت تعاني من حالة مرضية طويلة الأمد كالإصابة بالسكري، فإن العناية بصحتك الجسدية والنفسية غاية في الأهمية [1].
قد تمثل مشكلات الصحة النفسية أمرًا شائعًا بين مرضي السكري [2]. ستتناول هذه المقالة أسباب حدوث ذلك وبعض المشكلات التي قد تحدث وسُبل المساعدة المتاحة عند حدوثها.
ما العلاقة بين السكري والصحة النفسية؟
يعاني ثلث الأشخاص المصابين بالسكري من مشكلات نفسية أو اجتماعية يزيدان من صعوبة التحكم في إصابتهم بالسكري [2].
هناك بعض الحالات المرضية التي وُجدت مرتبطة بالسكري منها الاكتئاب والقلق ومشكلات النوم واضطرابات الأكل [2, 3].
إذا كنت تعاني من مشكلات الصحة النفسية، فقد تكون أقل عرضة للالتزام بخطط العلاج والرعاية الذاتية للسكري [1, 2, 3]. يمكن أن تزيد مشكلات الصحة النفسية أيضًا فرصة الإصابة بالمزيد من مضاعفات السكري [1, 2, 3].
الضغط النفسي للسكري
يُقصد "بالضغط النفسي للسكري" الانفعالات السلبية وعبء العلاج الذاتي للتعايش مع السكري [3, 4]. يُستخدم هذا المصطلح لوصف الاضطراب العاطفي واليأس الذي يتعلق بشكل خاص بالتعايش مع السكري وعلاجه [3, 4].
هناك أربعة أمور تتسبب في الضغط النفسي الناجم عن السكري [3]:
- العبء العاطفي للتعايش مع السكري.
- الضغط النفسي الناتج عن العلاج الذاتي للسكري.
- الضغط المرتبط بالعلاقات مع الشركاء والأصدقاء والعائلة.
- الضغط المرتبط بالعلاقات بين المصاب ومزود خدمات الرعاية الصحية الخاص به.
قد يكون للضغط النفسي للسكري أثرًا كبيرًا على السكري لديك [4]، حيث تبين ارتباطه بانخفاض فعالية علاج مستوى الجلوكوز في الدم [3, 4].
كما تبين ارتباطه بارتفاع ضغط الدم وارتفاع خطورة التعرض للمشكلات القلبية بالإضافة إلى انخفاض جودة الحياة [3].
إذا تبين لك صعوبة إدارة (متابعة وعلاج) السكري لديك أو تأثيره على علاقاتك، عليك استشارة الفريق المختص بالسكري. حيث سيمكنهم هذا من توجيهك إلى المسار الصحيح للحصول على المساعدة.
الاكتئاب والسكري

إذا كنت مصابًا بالسكري، فإنك أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب [2, 3, 5]. أما فيما يتعلق بانتشار الاكتئاب بين البالغين المصابين بالسكري، فإن نتائج الدراسات متناقضه ومختلفة. وجدت بعض الدراسات ارتفاع معدلات الإصابة بالاكتئاب بمعدل بمرتين أو ثلاثة مرات لدى البالغين المصابين بالسكري أكثر من الإصابة لدى عموم السكان، في حين يقترح البعض الأخر إنه أكثر شيوعًا بنسبة 60٪ فقط [2, 3, 5].
قد يصعب التعايش مع السكري، وفي حين قد يشكل هذا العبء جزءًا من السبب وراء شيوع الاكتئاب، قد تحدث تغيرات في جسد المصاب نتيجة الإصابة بالسكري الذي قد يؤثر بدوره على الحالة المزاجية [2]. تشير بعض الدراسات إلى أن السكري قد يؤثر على فرصك في الإصابة بالاكتئاب من خلال تنشيط أجزاء معينة من نظام المناعة، وزيادة نشاط مناطق محددة من الدماغ [2].
قد يكون للإصابة بالاكتئاب أثر كبير — عليك وعلى إصابتك بالسكري. ترتبط أعراض الاكتئاب بانخفاض العناية الشخصية وانخفاض فعالية جلوكوز الدم [2, 5]. كما تُرجح الأعراض الاكتئابية والاكتئاب المشخص إصابتك بمضاعفات السكري [2, 5]. كما أن الاكتئاب والإصابة بالسكري مرتبطان — حيث تتراوح نسبة الخطورة لدى الأفراد المصابون بالاكتئاب بين 40% و60% للإصابة بالسكري من الدرجة الثانية [3].
إذا كنت تعاني من سوء الحالة المزاجية، سواء كان ذلك نتيجة السكري أم لا، هناك العديد من الطرق التي يمكن من من خلالها الحصول على المساعدة. استشر الفريق المختص بالسكري لديك أو طبيبك، وسيكون بإمكانهم توجيهك للحصول على الدعم المناسب لك.
التوتر والقلق والسكري

قد يكون التعايش مع السكري مرهق ومثير للقلق [3].
تبين أن القلق أكثر شيوعًا لدى الأشخاص المصابين بالسكري [3]. وجدت إحدى الدراسات أنه ما يصل إلى 14% من الأشخاص المصابين بالسكري يعانون من اضطراب القلق المعمم بالإضافة إلى ثلاثة أضعاف أعراض القلق [3].
قد يؤثر التوتر والقلق على السكري أيضًا مما يسبب مشكلات في العناية بالنفس وإدارة (متابعة وعلاج) السكري [3]. أظهرت مراجعة تحليلية شاملة أن الإصابة باضطراب القلق المشخص يربتط ارتباطًا وثيقًا بسوء علاج نسبة الجلوكوز في الدم. إلا أنه ليس هناك إجماعًا على هذا الرأي [2, 4].
كما قد تؤدي الإصابة طويلة الأمد بالقلق إلى ارتفاع خطورة الإصابة بالسكري من النوع الثاني [3]. أما فيما يتعلق بالتوتر، فقد تبين أن بعض أنواع التوتر قد تزيد من فرصة الإصابة بالسكري من النوع الثاني بما يصل إلى 20% بالإضافة إلى بالتوتر الشديد (كاضطراب ما بعد الصدمة) مما يزيد من خطر الإصابة بهذه الحالة بنسبة 40٪ [3].
قد يكون هناك العديد من الأسباب وراء شعورك بالقلق أو التوتر. بعض هذه الأسباب يتعلق بالسكري والبعض الآخر غير متعلق به. على سبيل المثال، يشعر بعض الأشخاص بالقلق من الاضطرار إلى علاج الحقن الذاتي [3].
بغض النظر عن السبب الأساسي، قد يساعدك فريق الرعاية الصحي الخاص بك على تعلم مهارات تأقلم فعّالة وتوجيهك لخدمات الدعم التي قد تكون ذات نفع لك [3].
اضطرابات الأكل والسكري
ترتبط بعض الأنواع المختلفة من اضطرابات الأكل بالسكري [2, 3].
يُعد الشره المرضي أحد اضطرابات الأكل وحالة من حالات الصحة النفسية [6]. تشمل الأعراض الشراهة عند تناول الطعام (تناول الكثير من الطعام خلال فترة زمنيه قصيره) يتبعه التطهير (التقيء بشكل متعمد أو استخدام أدوية مسهلة أو ممارسة التمارين بشكل مكثف بعد الأكل لتجنب زيادة الوزن) [6].
يُعد فقدان الشهية العصابي اضطرابًا من اضطرابات الأكل المرتبطة بالسكري [3]. على الأشخاص الذي يعانون من فقدان الشهية العصابي محاولة الحفاظ على وزنهم في أقل قدر ممكن من خلال تخفيض كمية الطعام الذي يأكلونه وممارسة الكثير من التمارين [7]. يُعد فقدان الشهية العصابي حالة مرضية قد تُعرض حياتك للخطر، كما أنه أحد الأسباب الرئيسية للوفاة نتيجة مشكلات الصحة النفسية [7].
إن اضطرابات الطعام أكثر شيوعًا في الأشخاص المصابين بالسكري عن عامة الناس، وخاصة عند النساء المصابات بالسكري من النوع الأول. تبين أن الشره المرضي أكثر شيوعًا عند النساء المصابات بسكري النوع الأول من النساء الغير مصابات بالسكري.
قد يصيبك فقدان الشهية العصابي واضطرابات الطعام الأخرى بالإعياء الشديد، كما أن لهما أثرًا كبيرًا على إصابتك بالسكري [2, 3, 6, 7]. إن الأشخاص المصابين بفقدان الشهية العصابي أو الشره المرضي والسكري أكثر عرضة للمضاعفات إذا توقفوا عن تلقي جرعة الإنسولين (عدم تناول الأنسولين كما ينبغي) لفقدان الوزن [2].
يمنحك الحصول على المساعدة والدعم في أقرب وقت ممكن أفضل فرصة للتعافي من اضطرابات الأكل كفقدان الشهية العصابي والشره المرضي [6, 7].
الحصول على المساعدة

إذا كنت مصابًا بالسكري وتعاني من مشكلات في الصحة النفسية، أو إذا كنت قلقًا حول شخص أخر، من الأهمية بمكان معرفة أن هناك العديد من وسائل الحصول على المساعدة التي تستطيع الحصول عليها.
قد تحتاج إلى استشارة الفريق المختص بالسكري أولًا إذا بدأت مشكلات الصحة النفسية في الظهور لديك [3]. قد يكون الفريق المسؤول عنك قادرًا على مساعدتك بنفسه، كما يمكنه اقتراح إستراتيجيات التأقلم أو تحويلك لخدمات الدعم التي من شأنها تلبية احتياجاتك [2 ، 3].
يتمثل أحد أشكال المساعدة التي يمكن عرضها في علاجات مثل العلاج المعرفي السلوكي [2]. تبين أن مثل هذه العلاجات تُحسن من علاج مستوى الجلوكوز في الدم أيضًا [2].
إذا ظن فريقك أن هذا قد يُساعدك، فقد يقوم بإحالتك إلى الرعاية النفسية أو المعنوية المتخصصة [2].
هناك العديد من الأشخاص ممن يمكنك استشارتهم، بما في ذلك الأصدقاء والعائلة وأعضاء فريق الرعاية الصحية الخاص بك [3].
تُعد مشكلات الصحة النفسية أكثر شيوعًا بين الأشخاص المصابين بالسكري وتتمثل في الاكتئاب والقلق واضطرابات الأكل أو أشكال أخرى [2, 3, 4, 5].
إذا كنت تعاني من مشكلات الصحة النفسية، لا تشعر أبدًا بالوحدة أو أنك بمفردك. فإن الأصدقاء والعائلة بمثابة شبكة دعم هامه لك، حيث يعمل الفريق المختص بالسكري على تحويلك لخدمات الدعم التي من شأنها مساعدتك.
المراجع
- هاركنيس إي وآخرون. تحديد التدخلات النفسية والاجتماعية التي تعمل على تحسين الصحة الجسدية والنفسية للمرضى المصابين بمرض السكري: مراجعة منهجية وتحليل شامل رعاية المصابين بمرض السكري 2010؛ 33 (4): 926-930. https://doi.org/10.2337/dc09-1519
- جاريت سي ودوهرتي أ. مرض السكري والصحة النفسية. الطب السريري. 2014;14(6):669-72.
- روبنسون دي جيه وآخرون. مرض السكري والصحة النفسية المجلة الكندية لمرض السكري. 2018;42(S1):S130-S141. doi: 10.1016/j.jcjd.2017.10.031.
- ستراندبرج أر بي وآخرون. علاقة طولية بين الاضطراب العاطفي الخاص بمرض السكري ومتابعة الهيموغلوبين السكري A1C لدى البالغين المصابين بمرض السكري من النوع الأول. علاج مرض السكري. 2015;32(10):1304-10. doi: 10.1111/dme.12781.
- جونزاليس جيه إس وآخرون. الاكتئاب في مرض السكري: هل فقدنا شيئًا مهمًا؟ رعاية المصابين بمرض السكري. 2011;34(1):236-9. doi: 10.2337/dc10-1970.
- هيئة الخدمات الصحية الوطنية نظرة عامة - الشره المرضي. أُتيح في أكتوبر 2022. متوافر على الرابط: https://www.nhs.uk/mental-health/conditions/bulimia/overview
- هيئة الخدمات الصحية الوطنية نظرة عامة - فقدان الشهية العصابي. أُتيح في أكتوبر 2022. متوافر على الرابط: https://www.nhs.uk/mental-health/conditions/anorexia/overview